[yoast-breadcrumb]

تعرَّف على أشهر وابرز ألعاب الورق في العالم العربي

لا أعرف إن سجّل التاريخ رياضة ذهنية مثل لعب الورق. هذه الرياضة التي تستطيع أن تمارسها لساعات طويلة بلا كلل أو ملل، ما سرها؟ ما سحرها؟ ومن أين أتى كل هذا الشغف؟ وكيف تستطيع لعبة ورق أن تخرج كل ما فيك من مشاعر وأحاسيس أكثر من أي فيلم دراما هندي؟

يقول أحد العارفين: إن أردت أن تعرف الشخص على حقيقته، فجالسه على لعبة ورق. وقد يكون هذا صحيحًا، فكم مرة كنت “أنت مش إنت وإنت خسران”؟ وكم مرة فقدت أعصابك أثناء لعبة ورق؟ وكم مرة فرحت حقًا لفوز ما ووجدت العالم مكانًا جميلًا مليئًا بالأزهار؟ وكم مرة كرهت كل شيء لأجل خسارة ما جعلتك ترى كل شيء مصبوغ باللون الأحمر وكأنك ثور هائج؟

ما بين الخسارات والانتصارات، وما بين أن يُقحمش وجهك قحمشةً لخسارة أو أن يبشبش وجهك بشبشةً لفوز ما، يبقى هذا السحر الذي اجتاح العالم العربي مكانًا رائعًا مسلّيًا تتعرف فيه على هوامير ورق اللعب وعلى هواته، وماذا يفعل في الأصدقاء والشركاء وكيف تكون فيه مشاعرنا وأعصابنا خليطًا ما بين النّحس والفرح والحظ، إنها بورصة المشاعر والأعصاب يا عزيزي اللاعب.

ما هي هذه الألعاب التي تفعل كل هذا؟

ألعاب الورق كثيرة والشباب العربي استطاع أن يبتكر ألعابًا جديدة. فكل مرّة أجلس في مقهى أو أتصفح الإنترنت (حيث أصبحوا يجتمعون اليوم إلكترونيًّا بكثرة) أجدهم يتحدثون عن لعبة جديدة، وإليكم أشهر الألعاب في الوطن العربي:

أولًا: البلوت

هذه اللعبة تنتشر في الخليج العربي وقد تكون الأولى خليجيًا. في مقاهي الرياض ودبي وجدة والكويت وغيرها، وعلى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات، وعلى الآيفون والسامسونغ، وعلى شاشات اللابتوب، نشاهد لاعبي البلوت ونرى حسابات نقاطهم، ويا حبيبي على البالوت ومفعولها عند الشباب العربي.

البالوت لعبة الأذكياء، تُلعب بمجموعة واحدة من ورق لعب بعد استبعاد الأرقام من 2-6 وكل لاعب يأخذ 5 أوراق وتُكشف ورقة لجميع اللاعبين، وفيها المزايدات والجولات والمشاريع – وما أدراك ما المشاريع – وخصوصًا مشروع القهوة.

ثانيًا: الطرنيب

الطرنيب، ويا عيني على الطرنيب، وطرنب يا معلم طرنب. شهدت لعبة الطرنيب في الوطن العربي إعادة تجديد وتطوير، ويا سلام سلّم عندما يطور الشباب العربي لعبة من أوراق اللعب. فأصبح هناك الطرنيب المصري والطرنيب السوري وطرنيب الـ400. ومع تقديرنا وإجلالنا لكل محاولات التجديد والتطوير، إلا أن اللعبة بنسختها الأصلية بقيت راسخة في عقول اللاعبين، والأصلي غير، أكيد غير.

والطرنيب تُلعب بـ52 ورقة، ويتم توزيع 13 ورقة لكل لاعب. ويعتمد الفوز على أوراق اللعب من الفئات الكبيرة وعلى عدّ اللّمّات التي تحققها بعد المزايدة. وفي الشراكة يكون رقم المزايدة مطلوبًا من الشركاء كفريق واحد. ويا حسرة إذا كان الشريك عالة على نفسه ومجتمعه ووطنه، كما يحدث معنا في كل سهرة 60 مرة على الأقل

ثالثًا: الهاند

من الألعاب الخفيفة الجميلة، اجتاحت البيوت ولعبها الكبار والصغار. فأحيانا يأتيك طفل من أطفال العائلة يريد أن يلعب الهاند وهو بالكاد يعرف كيف ينطق حرف الدال.

الهاند تلعب بـ104 ورقة لعب بالإضافة إلى الجوكرين. وتوزع 14 ورقة لكل لاعب ويُعطى اللاعب الذي يكون على يمين الموزع ورقة أضافية وتوضع باقي الأوراق على الطاولة ليتم الأخذ منها، كما تتخلّص من أوراق اللعب التي لا تحتاجها في كومة الأوراق المهملة والتي يسميها البعض “النار”. وطوّر العرب اللعبة كما طوّروا غيرها فأصبح هناك ما يسمى هاند سعودي وهاند الشراكة.

رابعًا: التركس

إنّها لعبة التعقيدات والمصائب والممالك. تعتبر التركس من الألعاب التي تحتاج تركيزًا عاليًا وقوة تحمل تستطيع من خلالها أن تقاوم قهر الرجال. فمن منّا لم يكد يفقد وعيه ويدخل في غيبوبة لا نهاية لها بعد أن حلّ “شايب الهاص” عليه ضيفًا ثقيل الظلّ في الحساب. يُستخدم في التركس 52 ورقة لعب، لكل لاعب 13 ورقة وتكون 7 هاص هي المحدد لصاحب المملكة الأولى. تطورت اللعبة وأصبح هناك أنواع عدة من التركس منها: تركس شراكة، وتركس كومبلكس، وتركس كومبلكس شراكة، وتركس يهودي “فردي” – وهذه الأخيرة واحدة من أجمل ألعاب الورق على الإطلاق.

خامسًا: البناكل

لم يكتشف علماء أوراق اللعب حتى وقت كتابة هذه السطور السر وراء هذه اللعبة، ولماذا يتعلق بها كبار السن تحديدًا، ولماذا يُعتبر لاعب البناكل نفسه عالم ذرة نووية. ربما سأعرف الإجابة عندما أصبح عجوزًا بلا شعر وفي فمي 3 أسنان حقيقية. تُستخدم في البناكل 104 ورقة من أوراق اللعب بالإضافة إلى الجوكرين و8 بناكل. والمقصود بالبنكل هنا الورقة رقم 2، وتوزع 18 ورقة على جميع اللاعبين.

هناك الكثير من ألعاب الورق الأخرى لا يتسع المجال لذكرها كلها، لكن الحقيقة التي وجب قولها هي أن هذا الفن – إن جاز التعبير – الذي يلعب بكافة الألوان والأشكال بمشاعرنا وبسلوكنا وبتهكمات من يفوز على من يخسر، وبغضب من يخسر على من يفوز وبتعرّقات الغضب والضحك، وباحمرار وجوهنا – هذا الفن هو فن الحياة.

Pin It on Pinterest